كسروه ..
لم يبقوا على عودٍ يظللنا ..
وذاك الغصنُ قد حطبوه ..
كي يستوقدوا ناراً ..
تدفئهم .. وتحرقنـا
كسروا جناح الغصنِ ..
فارتعدت قوائمُه ..
وفي وضحِ النهارِ ..
بـذُلٍ .. واحتقارٍ انتهكت محارمُه ..
ما الخطبُ .. يا غصنَ السلام ؟
ما الذنبُ .. يا غصن السلام ؟
ظللتهم .. ووهبتهم عهد الأمانْ
فما شكروك ..
بل جحدوا الأمانْ
وطويتهم تحت الجناحِ ..
لكي يعيشـوا في سلامْ
فأنكروا ذاك الحنانْ
وتمردوا ..
وغدوا لتقتيل الأنـامْ
وبـدا لنا غصنُ السلامْ
يقولُ : هل لي موطنٌ
أحيا بلا فوضى وأبسمُ للصغير ؟
وأمسحُ الدمعَ ..
فلا يشقى صغيرٌ أو كبير ؟
قام الصغيرُ وقال في غضب دفينْ :
لست أرضى بالحياةِ إذا كبرتُ
أعيشُ في وطنٍ رهينْ
لن أعيشَ العمرَ قهراً ..
في اضطهاد المجرمينْ
أنا إن متُّ شهيداً فهو أسمى مطلبِ ..
وأنا إن عشتُ في أرضي كسيحاً لا أقوم ..
فحياتي لستُ أرضاها وموتي مرغبي
وانحنى للأرض في حبٍّ عظيمْ
يلثمُ الأرضَ .. ثراها عالقٌ في شفتِـهْ
هيَ حبٌ خالدٌ ..
هي أصلُ منبتِـهْ
قال : يا أرضي حياتي أرخصُ ما أبذلهْ
في سبيل الله أيَّـامي سأهديها لكِ ..
وطريقُ الشوكِ سهل في عيوني ..
وطريقُ الصبرِ .. مهما طال
لن يتعبَـني ..
هزَّ هذا القولُ أطفالاً صغارا ..
وشباباً مخلصاً .. ونساءً وكبارا ..
فأماتوا ضعفهم ..
ثـمَّ أحيوا عزمَـهم ..
نظروا نحوَ الثرى ..
فـإذا بالأرضِ تسعفهم حجارةْ
وتناديهم : بأنَّ العِـزَّ في تلك الحجارةْ
وتناديهم : إذا ماتَ شهيدٌ
أودعوهُ في فؤادي ..
وابذروهُ في ضلوعي ..
ليعودَ الغصنُ مخضراً ..
ويحيـا من جديدْ
ويعم الكونَ عطرٌ
من رياحيِن الغصونْ
عطرتها الأرضُ من روحِ الشهيدْ
وسقتها الأرضُ من نزفِ الشهيدْ
فهنيئاً لكَ .. يا غصنَ السلامْ
وهنيئاً للذي أسقاك من شهد الدماءْ
وهنيئاً للحجارةْ
قد أعيدَتْ من فَنَـاءْ …