أمانة في أعناق المسلمين

دماءُ جراحِنا في كلِّ نادي

تطوفُ على بطاحِ الحزنِ نهراً

فكم في غابةِ الآلامِ ثكلى

براق المصطفى في القدسِ نادى

ومسرى سيِّد الثقلين فيها

بكت حطينُ لعلع في رباها

وفتشت البلادَ لعلَّ فيها

وعادت والأسى في مُقْلتَيْها

أبعد ملاحم ابن العاص تبني

أبعد وثيقة الفاروق تغدو

ونزعم أننا نمضي أسوداً

وفينا الصارمُ البتَّارُ دوماً

ولكن الأباة اليوم عميُ

وصمُّ عن رصاص الموت فيه

فلولا الموتُ لم يعرف بنوه

فكم ألفو معاقرة المنايا

ونحن اليوم نرمقه بعين

ترى في كل شبر من ثراه

ترى أشلاء أمتنا حطاماً

يضجَّ الكون بالمأساة ذرعاً

فراعنة العوالم لن يبالوا

ومجلس "رعبهم" يحنو علينا

وشامير تبَّجح في حِمانا

فهل ثارت سيوف الحق فينا

وهل أدمى القلوب على ثرانا

ترى أبناء أمتنا لهيباً

إذا إخوانُهم عطسوا بليل

يسوقون الجحافل والمنايا

وإن حُمَّت على الأقصى الرزايا

دماء القدس واحزناه فينا

فأين كتائبُ الفاروق عنها

وأين النخوةُ الشماءُ فينا
على الغبراء تعصفُ في فؤادي

تضج له الحواضرُ والبوادي

تولول بين أطلال العبادِ

من الأعماق حيَّ على الجهادِ

تصارعه أعاصيرُ العوادي

نداءُ يصطلي نار الأعادي

هماماً جاز سور الإنقياد

تصوغ حروفه سود الأيادي

فلولُ قريظة فيها النوادي؟

مراتع كلِّ شذَّاذِ البلاد؟

إلى الهيجاء في يوم التنادي

يقود البلق شامخة الهوادي

عن الأقصى المغطَّى بالسوادِ

يزمجر بالسواري والغوادي

هدوءَ النوم أو طعم الرقادِ

وكم ناموا على شوك القتادِ

خلاياها من الصم الصلادِ

مزارع للنوازل والنآدِ

يباع هناك في سوق الكسادِ

وتسهل بين أشباه العبادِ

إذا الحاخام أمعن في التمادي

مع البلوى بداهية دآدِ

وطالبنا بالغاء الجهاد

وهل صهلت بنا بلقُ الجيادِ

أنين ممزق ونداء صادِ

على العربي إن نادى المنادي

أصابعهم تنام على الزنادِ

إليهم مثل أسراب الجرادِ

ونادى القوم فوجئ بالحيادِ

على الغبراء تملأ كل وادِ

تصبِّحها بعمرو أو زيادِ

وأين خيولُ بكرٍ أو إيادِ؟!